رواية أنا لها شمس الجزء الثاني الفصل الخامس روز أمين

  • ترقبونا قريبا المسابقة الرمضانية لأعضاء أبابيل منتدى رواية مع جوائز قيمة لأول مرة تصل إلى 300 دولار فقط للأعضاء
  • 🌙✨ المسابقة الرمضانية الكبرى في منتدى أبابيل رواية! ✨🌙

     

    لأول مرة، نقدم لكم تحديًا استثنائيًا مليئًا بالحماس والإثارة! 🏆📖 استعدوا لخوض تجربة فريدة في مسابقتنا الرمضانية، حيث الإبداع يتألق والمنافسة تشتعل، والجوائز؟ 🤩 قيمة جدًا وتستحق التحدي!

     

    🎯 لماذا عليك المشاركة؟ ✅ جوائز قيّمة لأول مرة! ✅ فرصة لإبراز مهاراتك الأدبية والإبداعية! ✅ تجربة تفاعلية ممتعة مع أعضاء المنتدى!

     

    🔥 لا تفوّت الفرصة، كن مستعدًا... التسجيل قريبًا! 🔥

control

إداري
طاقم الإدارة
21 فبراير 2025
59
0
6

واية أنا لها شمس 02 الفصل الخامس


🔷الجزء الثاني من الفصل الخامس 🔷

عودة لحُجرة إيثار،ارتمت فوق فراشها وبدأت ببكاءٍ مرير لتتوقف في الحال حينما استمعت لصوت طرقات فوق بابها وبدأت بتجفيف دموعها لتتفاجأ بولوج والدها،جلس بجوارها وبدون مقدمات سحبها لداخل أحضانها ليقول وهو يربت فوق ظهرها بحنان:
-زعلانة وبتعيطي وابوكِ عايش على وش الدنيا،أُمال أما أموت هتعملي إيه
خرجت سريعًا من بين احضانه لتهتف بذعرٍ:
-بعد الشر عنك يا بابا،متقولش كدة




-الموت مش شر يا بنتي،الموت علينا حق...نطقها بيقين ليسترسل بعد أن أخذ نفسًا عميقًا:
-المهم،أنا مش عايزك تزعلي ولا تشيلي هم لأي حاجة طول ما أنا عايش




-يعني هترفض سليم إبن خالي يا بابا؟...سألته بترقب ليجيبها بتأكيد قوي:
-من ساعة ما اتولدتي وأنا عمري ما غصبتك على حاجة،هاجي على جوازك وأغصبك؟!




تنفست براحة وابتسم وجهها لتقول بانتشاء:
-ربنا يخليك ليا يا بابا وتفضل طول عمرك سندي
ابتسم لها ليتحدث وهو يربت على كفها بلين:
-يلا علشان تكملي غداكي
-مليش نفس...نطقتها بعينين منكسرتين ليقول بتعطُف كي يحثها على النهوض معه:
-من صباحية ربنا وانا مدقتش الأكل وجعان، ولو مقومتيش كلتي معايا مش هدوقه وذنبي هيبقى في رقبتك




ابتسامة حنون ارتسمت فوق ثغرها لتميل سريعًا على كف يده لتضع قُبلة احترام وتبجيل لشخص والدها الحنون، وقف وتحرك بجوارها حتى وصلا للبهو ثم تحدث بصوتٍ حاد وهو يرمق الجميع:
-مش كلتوا، يلا قوموا




زفر عزيز وهب واقفاً ليقترب من شقيقته ويرمقها بحدة قبل ان ينسحب للخارج كالإعصار
،جاورت والدها الجلوس لتكمل طعامها دون تذوق بعدما فقدت شهيتها،وبعد قليل كانت تقف أمام حوض المطبخ تُجلي الصحون وبجوارها نوارة تتبادلتان الحديث فيما بينهما لتسألها نوارة بفضول:
-إلا قولي لي يا إيثار،هو عمي غانم جاب الإسم اللي سماكي بيه ده منين؟




ابتسمت إيثار بشدة لتسترسل الاخرى موضحة:
-أصل إسمك غريب قوي على بلدنا،ومتزعليش مني،عمي غانم راجل بسيط زي أبويا،منين عرف الإسم ده؟!




-لو تعرفي كام حد سألني السؤال ده هتستغربي...قالتها بهدوء لتسترسل بانتشاء:
-بصي يا ستي،لما ماما كانت حامل فيا حصل لها نزيف وبابا اضطر يوديها المستشفى اللي في المركز علشان يكشف عليها، الدكتورة اللي كشفت على ماما كانت من اليمن ومتجوزة دكتور مصري، بابا وقتها عجبه إسمها قوي،ولما عملت لماما سونار وقالت له إني بنت بابا قرر يسميني على إسمها، وكان نفسه قوي أطلع دكتورة زيها
لتسترسل بملامح متأثرة:
-بس أنا خزلته ومجبتش مجموع في الثانوية، علشان كدة أنا بجتهد ومصممة أجيب تقدير عالي كل سنة علشان أتعين معيدة في الجامعة، وكدة ابقى حققت لأبويا حلمه وفي نفس الوقت عملت كرير محترم لنفسي


-دي حكاية ولا الحواديت...قالتها بانبهار لتسترسل بانتشاء:
-تعرفي يا إيثار،أنا بحبك قوي وببقى مبسوطة وأنا شيفاكي بتنجحي وراسمة لنفسك مستقبل حلو
واستطردت بحسرة ظهرت فوق ملامحها:
-انا كان نفسي أكمل تعليمي قوي زي باقي أصحابي،بس الله يسامحه أبويا طلعني من تالتة ثانوي أول ما وجدي اتقدم لي،اترجيته يسيبني اكمل،ساعتها قال لي نفس كلمة أمك اللي قالتها لك،البت مهما اتعلمت وراحت وجت اخرتها الجواز





ابتسمت إيثار وقالت لتخفف عنها وطأة حزنها:
-بس وجدي طيب وبيحبك يا نوارة،وممكن لما ظروفكم تتعدل تستأذنيه في إنك تكملي تعليمك
ضحكت نوارة لتقول برضا:
-والنبي إنتِ رايقة يا إيثار، هو بعد العيد يتفتل الكحك.





ضحكتا من قلبيهما ليقطع اندماجهما دخول تلك الـ "نسرين" حيث قالت بنبرة ساخرة وهي تتطلع إلى ضحكة إيثار الواسعة:
-ده أنتِ غريبة قوي يا إيثار،ولعتي الدنيا في بعضيها ونكدتي على أبوكِ وأخواتك وقاعدة هنا تضحكي ولا على بالك





-أنا اللي ولعت الدنيا في بعضها ولا جوزك... قالتها بملامح وجه مكفهرة لترد الأخرى بخُبث:
-جوزي ده يبقى أخوكِ اللي خايف على مصلحتك،يعني الحق عليه اللي عاوز يسترك قبل ما تعنسي





أعنس!...نطقتها بازدراء لتقول نوارة بعد أن قررت التدخُل لفض تلك المناوشة قبل أن تتطور:
-عيب الكلام ده يا نسرين
رفعت شفتها العلوى بتهكم لتقول متعجبة:
-وإيه العيب في اللي أنا قولته يا نوارة، بقيت غلطانة علشان خايفة على أخت جوزي!





لتحول بصرها للأخرى وهي تقول بلؤمٍ:
-إنتِ داخلة على اتنين وعشرين سنة يا حبيبتي،وده سن محدش وصل له قبل كدة من غير جواز في بلدنا، حتى بنات العائلات الكبيرة بيتجوزوا ويكملوا تعليمهم في بيوت إجوازهم





-دي حاجة تخصني لوحدي ومسمحلكيش تتكلمي فيها...قالت جملتها بصرامة لتستطرد ساخرة وهي تشملها بتهكم كي ترد لها الصاع صاعين:
-وبعدين هما اللي اتجوزوا كانوا خدوا إيه،واديكي اكبر مثال قدامي أهو
اشتعل قلبها وبلحظة احتدت عينيها لتهتف وهي ترمقها ببغضٍ شديد:
-خدت كتير يا حبيبتي، لقيت راجل يحبني ويتمنى لي الرضا،وستتني في بيته وجبت له ولد زي القمر وحامل في شهرين وكلها سبع شهور واجيب الولد الثاني





-هي دي إنجازاتك!.. نطقتها ساخرة لتقطع تلك المناوشة الكلامية الحادة ولوج منيرة لتقول بملامح وجه صارمة:
-إعملي شاي للرجالة وطلعيه يا نسرين
استدارت إيثار لتولي ظهرها لوالدتها دون عناء النظر لوجهها متعللة باستكمال جلي الاواني،زفرت منيرة لتيقنها غضب صغيرتها منها لكنها لم تهتم وخرجت من المطبخ،انتهت إيثار من الجلي واتجهت إلى غرفتها لتأخذ ملابس لها وتتجه نحو الحمام لتغتسل كي تريح جسدها وبعدها اتجهت لغرفتها من جديد لتؤدي صلاة العصر،انتهت وجلست على فراشها تسترجع دروسها ليقطع تركيزها دخول والدتها المفاجئ، نظرت لها باستغراب لتقول بضيق:
-ياريت ياماما تبطلي تدخلي عليا من غير ما تخبطي
قطبت جبينها لتجيبها بحدة:
-مبقاش ناقص إلا إني اخد الإذن منك يا ست إيثار
زفرت لتجيبها بإبانة:
-مش قصة إستئذان، بس افرضي إني بغير هدومي
-أنا عارفة إنك بتغيري في الحمام، وبعدين سيبك من الرغي الكتير وخلينا في المهم...قالتها باهتمام لتنتبه الأخرى لها، اتجهت وجاورتها الجلوس لتسترسل:
-جهزي نفسك وإلبسي فستان حلو عشان تروحي معايا حِنة أمل بنت حليمة بنت عمي حسين





لم تتمالك حالها لتهتف متذمرة:
-وأنا مالي بحنة أمل دي كمان، أنا عندي مذاكرة ومش فاضية للكلام ده
واسترسلت متعجبة:
-وبعدين أمل دي أنا مشفتهاش مرتين تلاتة على بعض والكلام ده كان من سنين عند جدي الكبير الله يرحمه





اجابت لاقناعها:
-يا بنتي عيب اللي بتقوليه ده،حليمة تبقى بنت عمي وطول عمرها صاحبة واجب معايا، دي منقطاني في فرح إخواتك الإتنين
ردت مفسرة:
-أنا مطلبتش منك متروحيش،بس كمان متجبرنيش أسيب مذاكرتي وأروح اضيع وقتي في مجاملات شكلية





وصلت منيرة لذروة غضبها من تلك المتمردة صعبة المراس والتي ستهدم لها مخطتها،فبرغم ان نجل شقيقها قد طلب إيثار للزواج بها إلا أنها تطمع دائمًا للأعلى حيث فكرت بأن تصطحب إبنتها الجميلة لحفل إبنة عائلة عريقة كعائلة البنهاوي وهي أكبر عائلة بالبلدة بل بالمركز بأكمله،لذا خططت بأن تجعلها ترتدي أفضل ما عندها من ثياب لربما تُعجب بها إحدى سيدات العائلة وتختارها زوجة لنجلٍ لها،حاولت تهدأة حالها لتقول بنبرة مصطنعة علها تستطيع تليين عقل تلك العنيدة بتلك الكلمات المفخمة للذات:
-طب وإن قولت لك إني عايزة اخدك معايا اتباهى بيكِ قدام حريم البنهاوية وحريم البلد كلهم بردوا هتكسفيني؟
ضيقت بين حاجبيها تتعمق بالنظر لمقلتي والدتها في تعجب لتفكيرها لتباغتها الأخرى كي لا تدع لها الفرصة بالرفض:
-خليني أتباهي وسط الناس ببنتي المتعلمة ومتكسريش خاطري
لاَنَ قلبها بعد حديث والدتها ونظراتها المتوسلة التي تراها للمرة الأولى لتقول بابتسامة هادئة:
-حاضر يا ماما، هروح علشان خاطرك
انتفضت الاخرى من جلوسها لتتحدث بانتشاء وفرحة لم ترهما عيني إيثار من ذي قبل:
-طب قومي جهزي نفسك وابقي البسي الفستان اللي كنتي جيباه لخطوبة صاحبتك بتاعت مصر
تنفست باستسلام لتجيبها بكثيرًا من العقل التي تتسم به شخصيتها الصلبة:
-لسة بدري يا ماما،خيني أذاكر شوية وبعد ما اصلي المغرب هلبس





-لا ما أنا هبعت أجيب لك البت كريمة الكوافيرة عشان تنضف لك وشك وحواجبك...قالتها بانتشاء تعجبت منه الإبنة لتقول باستغراب ظهر بَين فوق ملامحها:
-ليه ده كله، دي حنة أمل مش حنتي أنا يا ماما؟!
زفرت بقوة لتهتف بحدة وسخطٍ بعدما فقدت صبرها:
-هو أنا مش مكتوب لي اسمع كلمة حاضر منك خالص،هتفضلي واجعالي قلبي لحد امتى؟
هبت واقفة لتقول سريعًا في محاولة منها لمراضاتها:
-خلاص حقك عليا، هعمل لك كل اللي إنتِ عوزاه
وقفت تتطلع عليها بملامح حادة غاضبة لتقول الأخرى بابتسامة هادئة عليها تستطيع إضحاك صاحبة الوجه القاسي ولو لمرة:
-خلاص بقى متزعليش.
تنفست بهدوء ولانت ملامحها لتقول:
-هروح أبعت للبت كريمة على ما تجهزي نفسك
قالتها وتحركت سريعًا للخارج دون انتظار الرد، تنفست الصعداء لتلقي حالها فوق الفراش وهي تزفر بضيق

*****"*****
أتى الليل ليخيم الظلام على الكون،خرجت من حُجرتها وهي ترتدي ذاك الثوب الرقيق والذي بدا وكأنه صنع خصيصًا ليجعل منها أيقونة جمال وانوثة تتحركان فوق الارض،كان مصنوعًا من قماش الستان باللون الأزرق ليظهر بياض بشرتها الحليبية،ضيقًا من عند الصَدر والخصر لينزل باتساع كبير اظهر تقاسيم جسدها مما جعل كل من يراها ينبهر، اشتعل قلب نسرين حين رأتها تتحرك صوبها هي ونوارة واللواتي كانتا ترتديتان ثوبان متواضعان مما جعل نسرين تهتف بحدة:
-مش يلا بينا يا حماتي، إتأخرنا وإحنا مستنيين، الحنة زمانها بدأت من ياما





كانت أعين منيرة منبهرة بجمال ابنتها فأجابت وهي مسلطة عينيها فوق إيثار:
-اسبقيني انتِ ونوارة وانا وإيثار هنحصلكم
بالفعل تحركتا وبعد قليل ذهبت بصحبة ابنتها،وصلا إلى الشارع المؤدي لمنزل والد العروس،نظرت منيرة لتلك الفراشة المنصوبة للرجال (الصوان) وما تحتويه من طاولات مرصوص عليها جُل ما لذ وطاب من حلوى وفاكهة ومسليات، كان يقف بالمقدمة ليستقبل المهنئين بجانب أبناء عمومته من الشباب،خرج ليتناول سيجارة ينفث بها عن حاله بعيدا عن أعين والده ليتسع بؤبؤ عينيه ذهولاً بعدما رأها وهو يتفقد المكان، نعم هي تلك التي سلبته لُبه منذ أن رأها ظهر اليوم ومن حينها وللأن لم تغب عن تفكيرة ولو لحظة،وقف لحظات حتى استوعب رؤيته لتلك الفاتنة،ترك تفكيره وتلك الأسئلة التي اقتحمت مخيلته ليهرول إليها بعدما رأى من تجاورها وتأكد من شخصها،اقبل عليهما ليهتف بترجابٍ عال وهو يقول:
-يا أهلاً وسهلاً يا خالتي منيرة، نورتي الحنة
قطبت جبينها لتدقق النظر بملامح ذاك المهلل والتي صعب على ذاكرتها تحديد شخصه ليسترسل بلهفة:
-إنتِ مش فكراني يا خالتي، أنا عمرو إبن الحاج نصر البنهاوي،كنت زميل وجدي في الثانوية العامة وياما جيت عندكم علشان أذاكر معاه وهو كان بييجي عندي ناخد الدروس ونذاكر





تهلل وجهها لتجيبه بتذكُر:
-إفتكرتك، ماشاء الله يا عمرو،شكلك اتغير خالص عن زمان،كبرت وبقيت راجل تختشي العين تبص له
حول بصره لإيثار التي تستمع بلامبالاة وكأن الأمر لا يعنيها ليتحدث وهو يرمقها منبهرًا بجمالها الذي تضاعف عما رأها ظهر اليوم بفضل زينتها وثوبها المنمق:
-تشكري يا خالتي





زاغت عينيها لتلتمع ببريق الأمل وهي ترى تحملقهُ بابنتها لتقول بدلال عاتبة عليه:
-بس أنا زعلانة منك يا عمرو،من ساعة ماخلصتوا الثانوية لا عُدت بتسأل ولا كأنك كنت زملا أنتَ و وجدي، طب حتى كنت إسأل على خالتك منيرة
واستطردت بفكاهة:
-يخونك محشي الكرنب اللي كنت بتاكله عندي لما تتأخر في المذاكرة مع وجدي؟
ضحك ومازالت عيناه معلقة بتلك الجميلة ليقول بملاطفة:
-حقك عليا يا خالتي،بس إنتِ عارفة الدنيا تلاهي





أجابته بلمعة بعينيها:
-الله يكون في عونك يا ابني،أرض الحاج نصر وأملاكه ياما ومحتاجة اللي يحميها ويراعيها
تبسم ثغرها وهي تراه مازال معلقًا مقلتيه بإيثار ليتحدث مستفسرًا بعدما فقد سيطرته جراء شغفه لمعرفة شخصها:
-أنا شفتك النهاردة في الموقف، هو أنتِ تقربي لخالتي منيرة؟

قطبت جبينها متعجبة جرأته لتهتف منيرة بإيجاب لتُشبع رغبته الملحة في المعرفة والتي ظهرت بينة بمقلتاه:
-هو انتَ مش عارفها يا عمرو، دي إيثار بنتي
التمعت عينيه ذهولاً ليقول:
-معقولة، إنتِ إيثار؟!
ليسترسل منبهرًا:
-شكلك إتغير قوي عن زمان





كِبرت وادورت وخرطها خراط البنات... كلمات نطقتها منيرة وهي تلوي رأسها بتفاخر لترمقها إيثار بحدة بعدما شعرت بالخجل الشديد لتقول بصوتٍ مرتبك:
-ماما، إيه اللي بتقوليه ده!
ابتسم عمرو على خجلها الذي زاد من توهج وجنتيها ليزيد من اشتعال قلبه وحرارته لتهتف الأخرى بلامبالاة غير عابئة بمشاعر صغيرتها البريئة:
-مكسوفة من إيه ده عمرو زي أخوكِ وجدي بالظبط





اغتاظت من والدتها وتحدثت بحدة أظهرت كم حنقها:
-ممكن ندخل الفرح بدل وقفتنا في الشارع اللي ملهاش لازمة دي





برغم سعادتها باعجاب عمرو الظاهر عليه إلا أنها كانت تشتعل داخليًا لتخشب تلك الحمقاء ونظراتها الحادة،تغاضت عن غضبها لتتحدث وهي تُشير بيدها نحو منزل العروس:
-يلا يا حبيبتي
أوقفها متلهفًا ليقول باهتمام:
-الفرح معمول على السطوح فوق يا خالتي
واسترسل وهو يتقدمهم:
-اتفضلوا أوصلكم





تحركتا خلفه وصعد ثلاثتهم الدرج إلى أن وصلوا لمكان إقامة الحفل،انسحب عمرو بهدوء ليترك منيرة تتلفت حولها بانبهار لتلك الطاولات المرصوصة والمزينة بمفارش بيضاء حملقت عينيها على الفاكهة والحلوى وزجاجات المياه الغازية الموضوعة فوقها بانتظام،لقد تحول السطوح وكأنه قاعة أفراح بفضل تلك الزينة المعلقة والمحاوطة للمساحة بأكملها، أما المكان المخصص لجلوس العروس فكان مبهرجًا وجاذبًا للعين، تحركت خلف والدتها لتقابلهما والدة العروس بترحاب شديد يرجع لقرابتها لمنيرة:
-يا أهلا وسهلا يا ام عزيز،نورتي الحنة يا بنت عمي هتفت بامتنان:
-تعيشي يا ام كريم،مبروك وربنا يتمم لكم بخير وتفرحي بعوضها إن شاءالله





التفتت المرأة إلى تلك الجميلة لتقول بانبهار ظهر بعينيها:
-صلاة النبي أحسن،كبرتي واحلويتي يا إيثار





تبسمت براحة لتتحدث بلطف سببه تقبلها لتلك السيدة اللطيفة والتي طالما عاملتها بتودُد:
-متشكرة يا خالتي،عيونك الحلوين
اشارت بكف يدها للداخل:
-تعالوا ادخلوا
تحركوا وهما في طريقهما للطاولة أخذت تلقي التحية والسلام على كل من تقابلها بطريقها إلى أن جلست بجوار زوجتي نجلاها اللتان سبقتاها إلى هنا،بعدما استقرت بجلوسها باتت تتفحص نساء العائلة لتتسع حدقة عينيها وهي تتحسر على حالها كلما نظرت ليديهن وصدورهُن وما يرتديهُن فيهم من حُلىٍ وأقراط مصنوعة من الذهب الخالص، بعد قليل نهضن الفتيات والتففن حول العروس وبدأن يتمايلن بخصورهن يمينًا ويسارًا ويتراقصن بانسجام مع إحدى الأغاني الشعبية، كانت تتابع ما يحدث بتملُل لشعورها أنها مختلفة عن تلك الطبقة،فجميعهُن خُلقن مدللات وطلباتهن مجابة لثراء عوائلهُن الفاحش لذا فهي مختلفة عنهن كليًا لكونها وُلدت لعائلة فقيرة بالكاد كانت تؤمن لها ولأشقائها المتاح من المأكل والملبس واحتياجات التعلُم من أدوات وثياب بسيطة وبرغم هذا أصرت على إكمال دراستها لتصنع لحالها مستقبل تستطيع من خلاله تغيير مسارها ،اندمجت بالحديث بصحبة نوارة إلى أن وجدت من تحتويها بذراعيها من الخلف قائلة بمداعبة:
-أنا مين؟
تعرفت على صوتها من الوهلة الأولى،إنها سُمية صديقتها المقربة بالثانوية العامة،تفرقا بالجامعة حيث إلتحقت إيثار بكلية التجارة بجامعة القاهرة بينما سمية فالتحقت بكلية الأداب جامعة المنصورة ولكن ظلت علاقتيهما قوية كالسابق حيث تتبادلتان الزيارات بمنزليهما كلما سنحت لهما الفرصة وتتحدثتان عبر الهاتف بشكل شبه يومي لذا اسرار كلتاهما لدى الأخرى،أُنير وجهها بابتسامة سعيدة لتقول بحبورٍ تجلى بصوتها الناعم:
-سُمية
اعتدلت لتهب واقفة لتلتف لتلك المبتسمة وتبادلتا عناقًا حميميًا لفت أنظار الجميع،تجاورتا الجلوس بعد أن صافحت منيرة وزوجتي نجلاها،وبدأتا الفتاتان بالهمس لتقول سمية مستفسرة:
-جيتي إمتى؟
لسة واصلة العصر...نطقتها ببشاشة وجه لتنهرها الاخرى بلومٍ مصطنع:
-ومتكلمنيش يا ندلة عشان أجي أشوفك؟
أطرقت برأسها قائلة بحزن:
-اسكتي يا سمية، أنا من ساعة ما وصلت البيت وأنا في حوارات

-ليه،إيه اللي حصل، إحكي لي...نطقتها بعينين يملؤهما الفضول لتجيبها الاخرى بإيجاز:
-هحكي لك بعدين
ثم ضيقت عينيها لتسألها باستغراب:
-بس أنا متوقعتش ألاقيكي هنا في الحنة





ليه يعني...قالتها باقتطاب لترد الاخرى:
-يعني،أصل لا العريس ولا العروسة قرايبك،فاستغربت بصراحة
غمزت لها بعينيها لتقول بانتشاء وهي تهمس بالقرب منها دون حياء:
-أقولك الصراحة،أنا جاية أشقط عريس
فغر فاهها لشهق بعينين متسعتين ذهولاً لشدة وقاحتها لتهتف الأخرى بتعجُل:
-إقفلي بقك هتفضحينا
لتسترسل بانتشاء:
-بصي يا إيثار، مش هكذب عليكِ،أنا طول عمري بحلم إني ادخل عيلة البنهاوي واتنغنغ في عزهم،وابقى غبية لو أضيع من إيدي فرصة زي فرح بنت جمال البنهاوي،علشان كدة أول ما عرفت إن الحنة النهاردة
لتقول وهي تحرك كفيها فوق خصرها المنحوت بتفاخر:
-إتشيكت ولبست أضيق حاجة عندي زي ما أنتِ شايفة وسحبت نفسي وجيت





كانت تستمع إليها بعقلٍ غير مستوعب حديثها لتسترسل الاخرى وهي تتناقل النظرات بين سيدات الحفل:
-معظم الستات اللي قاعدين دول عندهم شباب في سِن الجواز، مش يمكن حظي يضرب وأعجب واحدة منهم وتخطبني لابنها





هزت رأسها بتعجب لتجيبها باستنكار:
-وستات عيلة البنهاوي هيختاروكي على أساس إيه يا سُمية
تنهدت حين رأت استنكار صديقتها لتسترسل بإبانة:
-متزعليش مني،أنا مش قصدي اجرحك، بس إحنا غلابة قوي جنب الناس دي، ونهار ما واحدة منهم تفكر تخطب لابنها أكيد هتختار له عروسة من البنهاوية أو حتى بنت عيلة كبيرة زيهم





-خليكي إنتِ في تفكيرك الفقري ده لحد ما هتلاقي نفسك لابسة في سليم إبن خالك أبو دبلوم...نطقتها بازدراء ولوم لتغرق الاخرى بدوامة أحزانها فقد اصبح هاجسها الأكبر مؤخرًا هو أن يجبرها شقيقها على زواجها من ذاك السليم الذي لا يختلف كثيرًا بطباعه عن عزيز
لتسترسل الاخرى بتطلع وعينين حالمتين:
-أما أنا بقى هحقق حلمي وبكره أفكرك لما اتجوز واحد من شباب البنهاوية وأعيش معاه في العز، تعرفي، وأنا جاية وقفت عند الصوان بتاع فرح الرجالة وعملت نفسي بربط في الكوتشي بتاعي
لوت فاهها باحباط لتسترسل:
-كنت متأملة حد من شباب البنهاوية يطلع ويشوفني وأعجبه، بس حظي طلع فقري، وقفت أكتر من نص ساعة إن حد يطلع، وأخر ما زهقت طلعت على هنا





أطلقت ضحكة بريئة على تلك الحالمة وتابعتا حديثيهما المسمر إلى أن قطع انخراطهما صوت تلك البشوشة التي اقبلت باتجاه الطاولة لتقول وهي تجذب إيثار من كف يدها لتحثها على النهوض:
-تعالي إرقصي مع البنات يا إيثار





تفاجأت بفعلها لتقول بكثيرًا من الإرتباك المصحوب بالخجل:
-مش هينفع يا خالتي أنا مبعرفش أرقص





هتفت "نوارة" زوجة"وجدي"التي كانت تقابلها الجلوس بالطاولة،لتقول بحماس وتفخيم:
-لما أنتِ مبتعرفيش ترقصي أنا اللي بعرف؟
والتفت للسيدة لتسترسل بمشاكسة:
-متصديقهاش يا خالتي حليمة، دي بترقص ولا فيفي عبده في فيلم الراقصة والسياسي

-إنتِ هتقولي لي،ما أنا شفتها في حنة عزيز ووجدي،قومي يلا علشان تفرفشي أمل...قالتها المرأة وهي تجذبها لتحثها منيرة على النهوض حيث قالت لابنتها وهي تلكزها برسغها:
-قومي ارقصي مع العروسة يا إيثار، عيب تكسفي خالتك





أما نسرين فكانت تتابع الحوار بقلبٍ يغلي من شدة حقده على تلك التي استحوذت على كل ما حُرمت هي منه وهو إتمام دراستها الجامعية والذي جعلها تشعُر بالدُونية بجانبها،وكذلك "سمية" التي شعرت بالغيرة من عدم تقدير والدة العروس لها وكأنها غير موجودة بالأساس،كم تمنت بأن تسنح لها الفرصة لتتراقص وتميلُ بخصرها المنحوت أمام هؤلاء النسوة لتستعرض جسدها وما لديها من مهارات ،بعد إلحاح الجميع استسلمت بالأخير وتحركت إلى وسط السطوح حيث تجمع فتيات العائلة فأمسكت حليمة يداها لتشبكهما بيدان ابنتها العروس واشتغلت الموسيقى وكانت غنوة خاصة بالمطربة شادية اُعيد تلحينها ليواكب العصر وتغنى بها المطرب محمد منير«شيء من بعيد نداني»
اندمجت برقصتها لابعد حد وكأن جسدها تحرر ليلين ويتحرك بليونة عجيبة مع كلمات الغنوة التي تماشت مع رقصها الراقي،كانت ترقص بقامةٍ مرتفعة وشموخٍ كي تُشعر جميع الموجودات أنها لا تقل عنهُن بشيءٍ حتى لا تتطلع إحداهُن عليها بتغطرس،بينما نظرت الفتيات لبعضهن باستحياء وبلحظة ابتعدن ليتركا لها المجال خشيةً من أن تقارنَ برقصها ويخسرن أمام تلك التي تتراقص بمهارة وكأنها خُلقت لهذا





كانت هناك عينين مختبئتين في الظلام لتراقب تمايلها بقلبٍ يدق كطبول الحرب وجسدٍ متصلب ينتفض مع كل حركة تقوم بها برقصتها الرائعة التي جعلت من الجميع مشدوهًا بازبهلال ويتمعن النسوة بالنظر لحركاتها المتقنة بالرقص الشرقي،تنفس عاليًا ذاك المختبيء يتلصص عليها بعدما صعد على سطوح منزله المُظلم المقابل لمنزل العروس ليراقب تلك التي استطاعت خطف لُبه من الوهلة الأولى،سال لعابهُ وشعر بانجراف مشاعره خلف تلك الساحرة، بات يتلصص عليها حتى انتهت من رقصتها ليتوقف قلبه مع توقف الموسيقى،حُبست انفاسهُ ليستعيدها من جديد وهو يرى والدة العروس وبعض الفتيات يتوسلن لتلك الإيثار بأن تمتعهُن برقصة أخرى، بالفعل بدأت برقصتها تحت سعادة منيرة التي تخطت عنان السماء واحتراق روح ذاك اللص المختبيء واشتعال روحه بنار اللهفة والإعجاب،قطبت "إجلال"جبينها لتتمعن بالنظر لتلك الفتاة المختلفة حتى برقصها،فهي مختلفة كليًا تشعر لوهلة أنها أميرة برغم ثوبها الهاديء والذي يفتقد الثراء كفتيات عائلة البنهاوي إلا أنه جعل منها مثيرة ولافتة للأنظار،شغفها الفضول لمعرفة من تكون تلك المختلفة،أشارت لـ حليمة بكف يدها بمنتهى الغرور لتأتيها الاخرى مهرولة خشيةً بطشها لتسألها بهدوء:
-بنت مين البت اللي بترقص دي يا حليمة؟
هتفت مسرعة بنبرة حماسية:
-دي بنت منيرة بنت عمي يا" ستهم"
أومأت بملامح مُبهمة لتستفسر مجددًا:
-بنت غانم إبن محمد الجوهري؟!

أومأت المرأة بتأكيد لتسترسل الأخرى متهكمة بكبرياء:
-اللي يشوف رقصها وتناكتها ميقولش عليها بنت غانم اللي محلتوش غير الجلابية اللي عليه
ابتلعت المرأة لُعابها بإحراج لتهكمها الصريح على إبنة قريبتها لتحول إجلال بصرها على منيرة التي تنظر متلهفة بسعادة وقلبٍ يدق بقوة لشدة حماسته بعدما رأت نظرات تلك المرأة الثرية إلى ابنتها واستدعائها لحليمة لتستفسر منها عنها وهذا ما استشفته بفطانتها، رمقتها إجلال بنظرات إزدرائية لتُشير باطراف أصابعها لـ حليمة بالإنصراف بطريقة مهينة تقبلتها المرأة وابتلعت غصتها بمرارة تجنبًا لجبروت تلك المتسلطة، لتتحدث بازدراء لشقيقتها التي تجاورها الجلوس:
-قال وأنا فكرتها بنت ناس وقولت تنفع عروسة لـ عمرو، طلعت بنت غانم
ضحكت الأخرى لتقول متهكمة بتعجرف:
-المظاهر خداعة يا إجلال، البت من دول على ما يخرطها خراط البنات وتشد حيلها تفتكر نفسها بني أدمة...انتهت ليطلقا الضحكات الساخرة سويًا لتعودا لمتابعة ترقبهما للحضور وهما تنظرتان بقامتان مرتفعتان بتعاظم





لم تستطع سمية الجلوس فقد فقدت صبرها على كبح شعورها بالظهور أمام هؤلاء النسوة، هبت واقفة لتتحرك صوب إيثار وشاركتها الرقصة تحت سعادة إيثار وغضب عمرو الذي شعر بالسخط على تلك الدخيلة التي حجبت عنه رؤية تلك المُثيرة انتهت إيثار وتحركت إلى والدتها لتجاورها الجلوس بأنفاسٍ لاهثة وتركت سمية التي انتهزت الفرصة وتقربت من العروس وقريباتها لتندمج معهن بالرقص في محاولة منها للظهور أمام السيدات،بعد مرور بعضًا من الوقت تمللت إيثار بجلستها لتهمس لوالدتها باستياء ظهر بملامحها:
-ماما أنا زهقت،يلا علشان نروح
-لسة بدري، أدينا قاعدين شوية كمان...نطقتها بعينين تتطلعتين بانبهار لكل ما حولها لترد الاخرى بملل بعدما عقدت النية على الرحيل:
-خلاص خليكي إنتِ ونسرين وأنا همشي مع نوارة
نهرتها قائلة بحدة:
-مستعجلة على المرواح ليه؟
زفرت بضيق لتجيبها:
-عندي مذاكرة كتير ،وبعدين ما احنا قاعدين من بدري،أنا بجد زهقت





اخرجت زفرة حارة من شفتيها لتستسلم بالأخير تحت إصرار تلك الغبية، التفت وهي تدير برأسها لتهتف بجفاء:
-وحشتك قوي السرايا بتاعة أبوكِ
ثم رمقت ثلاثتهم لتهتف بملامح وجه مكفهرة:
-قومي يا غندورة منك ليها





قدمن التهنئة مرةً أخرى للعروس ووالدتها وسألت إيثار سمية إن كانت سترافقها بالإنصراف فأخبرتها الأخرى بأنها ستمكث لنهاية الحفل فتركتها لتتحرك بجانب والدتها وزوجتي شقيقاها،وأثناء مغادرتهم قاطعهم ذاك المتطفل الذي كان ينتظرها بعدما رأها من الاعلى وهي تهم بالمغادرة ليقول موجهًا حديثه لـ منيرة بينما عينيه مثبتتين على جسد إيثار بكل وقاحة:
-بقولك يا خالتي، هو رقم تليفونكم الأرضي لسة زي ما هو ولا اتغير
ليستطرد بإبانة سريعًا بعدما رمقته نسرين بنظرة متعجبة:
-اصل عاوز أكلم وجدي وأطمن عليه

لسة زي ما هو يا عمرو...نطقتها بابتسامة خبيثة وهي تراه معلقًا بصرهُ فوق ابنتها لتسترسل بمداعبة:
-بس هو انت لسة فاكر الرقم؟
ابتسم لمداعبتها ليجيبها بنفي:
-بصراحة لا يا خالتي





-مليه الرقم يا إيثار...نطقتها لابنتها التي كانت واقفة تتملل وتنظر للبعيد بانتظار انتهاء ثرثرة والدتها مع ذاك المتطفل والتي لم تلاحظ نظراتها له لانشغالها بالنظر على الطريق،لتنتبه على صوت والدتها وتقول بعدما تنفست باستسلام:
-حاضر يا ماما
طرحت نسرين سؤالها بصوتٍ متعجب إلى عمرو:
-طب ما تاخد رقم الموبايل بتاع وجدي أحسن؟





ارتبك من سؤال تلك المتطفلة لكنه استعاد توازنه ليجيبها بثقة زائفة:
-ما أنتِ عارفة إن شبكة الاتصالات هنا في البلد ضعيفة





انتفض قلبها رُعبًا بعدما رمقتها منيرة بتوعد لتهز رأسها سريعًا وهي تبتلع لُعابها،أملته إيثار الرقم بينما خرجت ابتسامة بلهاء تحت استغرابها لتنتهي ويقول هو بعينين تلتمعتين بوميض التلهف:
-متشكر يا إيثار
أومأت برأسها سريعًا بعدم اكتراث لتنسحب للأمام بصحبة نوارة بعدما فاض بها الكيل غير عابئة بوقوف والدتها التي استأذنت وانسحبت خلفهما هي ونسرين المتعجبة من اهتمام ذاك العمرو بأمر شقيق زوجها





******
وصلن للمنزل لتدلف كلاً من منيرة وإيثار إلى غرفتيهما بالطابق الارضي بينما نسرين ونوارة صعدتا الدرج وصولاً لمساكنهما لتهتف نسرين وهي تبتسم ساخرة:
-أقطع ذراعي من هنا...وأشارت على أعلى كتفها لتسترسل بتأكيد:
-إن حماتك واخدة البومة بنتها علشان توقع لها عريس،والست إيثار اللي عملالنا فيها الابلة نظيرة متشيكة ورقصت علشان كدة





-حرام عليكِ يا نسرين، متظلميش ماما وإيثار، إيثار أصلاً مكنتش عاوزة تروح وماما اللي أصرت عليها علشان خالتك حليمة متزعلش





-طب إيه رأيك إن حماتك متفقة مع اللي اسمها حليمة على النمرة اللي عملتها دي علشان تخلي المحروسة تهز وسطها قدام الحريم
-وهي هتعمل كدة ليه؟... سؤال بريء طرحته نوارة لتجيبها الاخرى بخبثٍ:
-شوفي إنتِ بقى





توقفت نوارة عن التحرك وشردت بالتفكير لتلكزها الاخرى بكتفها قائلة بتنبية:
-وقفتي ليه،يلا علشان نغير هدومنا وننزل نغسل مواعين العشا المكومة في المطبخ قبل ما حماتك تفتح حسها علينا
زفرت نوارة لتهتف متذمرة:
-أنا نعسانة،ماتخليهم لبكرة،هيحمضوا يعني لو فضلوا للصبح





بدلت إيثار ثوبها بمنامة فضفاضة مريحة وخرجت لبهو المنزل لتحمل الهاتف المنزلي وتعود به من جديد إلى غرفتها لتهاتف صديقتها بالجامعة للاستفسار عن أمر خاص بدراستها الجامعية





******
مع حلول الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، كان الهدوء يعم القرية،لا يُسمع سوى أصوات طائر الكروان ورائحة شجرة الياسمين الزكية المزروعة أمام المنزل تعبق بالمكان،فطالما يأتي الليل محملاً بهدوء يسر القلوب ويُدخل عليها السكينة،تتلألأ النجوم في السماء لتنيرها وتعطي مظهرًا خلابًا،بينما تجلس هي فوق فراشها ممسكة بكتابها تستذكر دروسها بذهنٍ مستيقظ وحماس يرجع لعشقها للدراسة،استمعت لقرع جرس الهاتف المنزلي حيث كان موضوعًا فوق المنضدة الصغيرة المجاورة لفراشها المتواضع ككل أساس منزلهم المتهالك،تعجبت من رنينه بتلك الساعة المتأخرة، تنهدت لتميل بجذعها ملتقطة سماعة الهاتف وهي تقول مستفسرة:
-ألو
إزيك يا إيثار...وصل صوت المتصل لمسامعها لتضيق عينيها باستغراب وهي تقول:
-مين معايا؟
بصوتٍ ناعم أجابها:
-أنا معجب ولهان،قلبه اتخطف لما شافك النهاردة
لوت فاهها لتشعر بالإشمئزاز من كلمات ذاك المتحرش العَفن لتهتف بنبرة حادة:
-بطلوا قلة أدب بقي وأحترموا نفسكم





بالكاد أنهت كلماتها لتزفر وهي تغلق السماعة بوجه ذاك المتكيء فوق وسادة فراشه الوثير بغرفته الفخمة والذي صُدم من ردة فعلها الغريبة، فقد توقع إذابة قلبها وثوران لمشاعرها عندما يتبع معها طريقته المعتادة لإيقاع الفتيات اللواتي يُعجب بهن،ابتسم بتسلي بعدما تأكد من اختلافها فقد زاد الحماس بداخله لأن الصيد تلك المرة سيكون لفتاة صعبة المنال وهذا ما سيزيد من متعته عند الوصول إليها وضمها لقائمة فتيات عمرو البنهاوي





أعاد الضغط على أرقام هاتف منزلها مرةً أخرى وأنتظر الرد فانتهى الإتصال مرةً أخرى وقام بتكرار المحاولة عدة مرات دون أن يسأم حتى أتاه الرد من صوتٍ لم يتوقعهُ لـتجحظ عينيه وبسرعة البرق أعاد سماعة الهاتف لمكانها ليُنهى الإتصال ثم نظر أمامه ليعقد حاجبيه بضيق وهو يحك ذقنه بأصابع يده قائلاً:
-يا بنت الـ....
إنتهى الفصل الخامس من «أنا لها شمس»
بقلم روز أمين